الابنه الباره
كانت الأستاذة نوال تنام دائما أثناء وجودها داخل الفصل الدراسي فنجدها بعد أن تنتهي من شرح الدرس تجلس على كرسيها تغمض عينها الحمراء المرهقة رغما عنها وتتمايل رأسها يمينا ويسارًا ، فتضحك زميلاتي ويتهامزن كثيرا عليها ..
حتى جاء ذاك اليوم الذي عرفنا فيه حكايتها من معلمة أخرى ، حيث قالت لنا أن الأستاذة نوال هي الابنة الكبرى لوالدتها يصغرها أربعة من الذكور وخمسة من الإناث وقد أصيب والدها بالشلل وهي في الثانية عشر من عمرها وتركهم جميعا بلا مصدر دخل ..
فبدأت والدتها في طهو المأكولات وبيعها ..
هي التي قررت التخلي عن الزواج والعمل على مراعاة والدتها الكفيفة ووالدها المشلۏل ..
وكانت كلما تقدم لها عريس وأخبرته بضرورة تواجدها عندهم ساعات بشكل يومي أو اخذهم معها في شقتها لرعايتهما يرحل العريس ولا يعود ، فأخذت على نفسها العهد أن تظل تحت أقدامهما حتى نهاية العمر خاصة وأنه لم يعد أحد من إخوتها يكلف نفسه زيارتهم أو حتى السؤال عنهم .
أصبحنا من يومها كلما انتهت من شرح الدرس نهدأ جميعا ونتركها تهنأ بتلك الدقائق التي تريح بها جسدها الذي لا يرتاح
بعد عدة سنوات وبينما أسأل عن أحوالها عرفت أن رجلًا أرمل له ثلاثة أطفال ومن المال اليسير تزوجها وقد أراحها من العمل ونقلها لبيته الكبير وتكفل بوالديها وأتى لها بأكثر من عاملة لمساعدتها ، وأغرقها حبًا وكان نعم العوض لها فكانت نعم الزوجة والأم له ولأولاده الذين أحبوها كثيرًا وكأنها أمهم بالفعل ، فكانت نعم الأم الحنون لهم ونعم الابنة البارة لوالديها فهنيئًا لها بدنيا وفيرة بالخير والرزق الذي أذاقها الله إياها وبقلبٍ ينبض بالخير والعطاء وما جزاء ذلك إلا سعادة الدارين بإذن الله .
#واقعيه..